Share

قراءة بدون تشتيت - تفعيل اداة القاريءقصة اختراع النوتيلا – من بقايا البندق إلى طعام عالمي

البداية: اختراع النوتيلا وسط أنقاض الحرب

قصة اختراع النوتيلا | كيف بدأت واحدة من أشهر العلامات التجارية في العالم؟
قصة اختراع النوتيلا | كيف بدأت واحدة من أشهر العلامات التجارية في العالم؟

من أجمل القصص الذي تُحفز حقاً وأن لا شيء مستحيل

في عام 1940، اجتاحت الحرب العالمية الثانية أوروبا، وجعلت من المواد الغذائية سلعة نادرة. الكاكاو، الذي يُعد المكون الأساسي للشوكولاتة، أصبح شبه معدوم بسبب نقص الإمدادات وغلاء الشحن والتوزيع.
في مدينة صغيرة تدعى ألبا في إقليم “بيمونتي” شمال إيطاليا، كان هناك خباز يُدعى بيترو فيريرو يدير مخبزًا عائليًا بسيطًا. بيترو، مثل كثيرين في زمن الحرب، كان يعاني من قلة المواد الخام، لكنه كان يملك وفرة من البندق المحلي الذي يزرع بكثرة في منطقته.

بدأ بيترو يسأل نفسه:
“هل يمكنني صنع شوكولاتة باستخدام البندق بدل الكاكاو؟”
وهكذا بدأت أولى ملامح اختراع النوتيلا، ليس رغبة في الترف، بل بدافع الحاجة.

البداية الحقيقية: منتج Giandujot

في عام 1946، وبعد نهاية الحرب مباشرة، طور بيترو أول منتج له أطلق عليه اسم Giandujot، وهو عبارة عن مزيج من معجون البندق مع كمية قليلة من الكاكاو، مطبوخ مع السكر وقليل من الزيوت.
لم يكن المنتج قابلاً للدهن، بل كان يُقطع ويُوضع على الخبز كشرائح. لكن الأطفال أحبوه كثيرًا، لأنه أعاد إليهم طعم الشوكولاتة التي غابت خلال سنوات الحرب.

تم تغليف Giandujot بورق القصدير وتوزيعه في مناطق مختلفة من شمال إيطاليا. لاقى المنتج نجاحًا سريعًا لأنه كان بديلاً اقتصاديًا للشوكولاتة.

مأساة وتحول: وفاة بيترو وتولي ميشيل المهمة

في عام 1949، توفي بيترو فجأة، تاركًا وراءه منتجًا ناجحًا ومشروعًا واعدًا. عندها تولى ابنه ميشيل فيريرو مسؤولية تطوير الفكرة. كان شابًا طموحًا لا يتجاوز الثلاثين، لكنه كان يملك حسًا تجاريًا استثنائيًا.

أعاد ميشيل النظر في الوصفة، وعمل على جعلها أكثر عملية للعائلات الحديثة. هدفه كان واضحًا: صنع شوكولاتة قابلة للدهن يحبها الأطفال ويقبل عليها الآباء.

ولادة النوتيلا: التحول من فكرة إلى علامة تجارية

في عام 1964، توصل ميشيل إلى التركيبة المثالية:

  • مزيج ناعم من البندق بنسبة عالية.
  • كمية قليلة من الكاكاو، لكن مع نكهة واضحة.
  • قوام كريمي سهل الفرد على الخبز.
  • طعم متوازن يجمع بين الحلاوة والدهون.

اختار لمنتجه الجديد اسمًا بسيطًا وعالميًا: Nutella، وهو مزيج بين كلمة “Nut” الإنجليزية و”ella” الإيطالية التي تضيف إحساسًا بالنعومة. الاسم كان سهل النطق في مختلف اللغات، مما ساعد في تسويقه لاحقًا عالميًا.

انتشار اختراع النوتيلا في أوروبا والعالم

بدأت شركة Ferrero في تعبئة المنتج في عبوات زجاجية جذابة وواضحة، وتسويقه على أنه “وجبة فطور متوازنة للأطفال”. لم يركزوا فقط على الطعم، بل على الجانب العاطفي:

  • أم تُعد فطورًا لابنها في صباح مشمس.
  • طفل يبتسم وهو يضع النوتيلا على خبزه.
  • لحظات عائلية دافئة مرتبطة بعلبة صغيرة من النوتيلا.

الإعلانات لاقت رواجًا، وبدأت نوتيلا تغزو ألمانيا، فرنسا، إسبانيا، ثم الولايات المتحدة في السبعينات.

النجاح المستمر: أرقام لا تُصدّق

اليوم، تُعتبر نوتيلا من أكثر المنتجات الغذائية مبيعًا على الإطلاق.

  • تُباع في أكثر من 160 دولة.
  • يُستهلك منها ما يعادل 350 ألف طن سنويًا.
  • في عام 2005، أعلنت الشركة أنها باعت كمية من النوتيلا تكفي لتغطية 1,000 ملعب كرة قدم.

لماذا نجح اختراع النوتيلا؟

من زاوية تسويقية:

  • اسم بسيط وعالمي.
  • شعار جذاب.
  • تركيز على المشاعر والعائلة.
  • ثبات في الجودة والطعم لعقود.

من زاوية تصنيع:

  • استغلال موارد محلية (البندق).
  • تخفيض تكلفة الإنتاج مقارنة بالشوكولاتة الخالصة.
  • تصنيع محلي وتوزيع عالمي.

خاتمة:

اختراع النوتيلا لم يكن وليد المعامل ولا الأبحاث العلمية، بل وليد الحاجة والابتكار المحلي. من بائع خبز متواضع في بلدة صغيرة، خرج منتج غيّر طريقة فطور الملايين حول العالم.

القصة تعلّمنا أن أبسط الموارد، مع قليل من الذكاء، وكثير من الإصرار، قد تصنع منتجًا خالدًا.

اقرأ أيضاً:

من اخترع الصابون – قصة نظافة غيّرت حياة البشر – نبأ مَسْطُور